الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. وتداعياته على الحرب في غزة..؟ 

يمثل الاعتراف بدولة فلسطينية، رغم محدوديته، خطوة سياسية ودبلوماسية بالغة الأهمية في مسار الصراع العربي–الإسرائيلي، إذ يتجاوز حدود الرمزية ليشكل تحولاً في بنية العلاقات الدولية تجاه القضية الفلسطينية، فمسألة الإعتراف لا ترتبط فقط بقرار قانوني من دولة أو مجموعة دول، بل يتعلق بإعادة صياغة ميزان القوى السياسي والشرعي في المنطقة، وبإدخال القضية الفلسطينية في سياق جديد يفرض نفسه على مخرجات الحرب في غزة وعلى مستقبل التسوية برمته 

ولهذا الإعتراف معنيين: المعنى القانوني والمعنى السياسي 

على الصعيد القانوني، يعني الاعتراف بفلسطين كدولة، قبولها ككيان سياسي ذي سيادة يخضع للقانون الدولي، وله حقوقه وواجباته. وهذا الاعتراف قد يمنحها مقعداً كاملاً في الأمم المتحدة، ويفتح المجال أمامها للانضمام إلى منظمات ومعاهدات دولية 

على الصعيد السياسي، يشكل هذا الاعتراف رفضاً ضمنياً للرواية الإسرائيلية التي تعتبر الأراضي الفلسطينية “متنازعً عليها”، وتحويلها إلى أراضٍ تابعة لدولة تحت الاحتلال. بذلك سيصبح الاستيطان والعدوان الإسرائيلي انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة معترف بها دولياً 

التداعيات المباشرة على الحرب على في غزة 

         تعزيز الشرعية الفلسطينية: الاعتراف بدولة فلسطينية يضعف المبررات التي تسوقها إسرائيل لتبرير هجومها على غزة، ويحول العمليات العسكرية إلى اعتداء على دولة ذات سيادة، ما قد يرفع منسوب الضغوط الدولية على تل أبيب 

تقييد هامش المناورة الإسرائيلية: مع تزايد الدول المعترفة بفلسطين، يصبح من الصعب على إسرائيل أن تفرض رؤيتها الأمنية فقط، خاصة وأن الحرب في غزة تُنتقد بالفعل لارتفاع الكلفة الإنسانية 

فتح المجال أمام تحركات قانونية دولية: دولة معترف بها تستطيع التوجه إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بقوة أكبر، والمطالبة بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب في غزة 

الانعكاسات الإقليمية والدولية وتغيير في موازين الدبلوماسية: الاعتراف الواسع يعيد ترتيب  

أوضاع المنطقة، ويدفع دولاً أخرى إلى إعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في ظل استمرار الحرب 

ضغوط على مسار التطبيع: الاعتراف قد يشكل عائقاً أمام مشاريع التطبيع الإقليمي مع إسرائيل، إذ سيبدو أي اتفاق يتجاهل الدولة الفلسطينية متعارضاً مع المسار الدولي الجديد 

إعادة إحياء مسار الحل السياسي: رغم قتامة الوضع في غزة، قد يفرض الاعتراف بدولة فلسطينية عودة إلى فكرة “حل الدولتين”، ليس كخيار تفاوضي وحسب، بل كإطار إلزامي مدعوم دولياً 

 :تحديات الاعتراف 

لكن الاعتراف وحده لا يكفي. فإسرائيل ترفض الاعتراف بدولة فلسطينية وتواصل فرض وقائع ميدانية عبر الحرب والاستيطان، فيما تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام داخلي عميق. وبالتالي، من دون وحدة فلسطينية ورؤية سياسية جامعة، سيظل الاعتراف عرضة للتوظيف الرمزي أكثر من التحول إلى رافعة عملية للتحرر الوطني 

خاتمة 

إن الاعتراف بدولة فلسطينية في هذا التوقيت الحرج، يعني أن هناك شرخا فعليا في التكتل الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة، وحتى وإن فشل في وقف الحرب في غزة، فإنه قد كسر الجمود الذي طال أمده في التعامل مع القضية الفلسطينية، وهو ما سيحوّل الحرب في غزة من مجرد “نزاع أمني” في رواية الكيان إلى مواجهة بين دولة محتلة ودولة تحت الاحتلال. ورغم التحديات الكبيرة، فإن اتساع الاعتراف يمثل خطوة استراتيجية على طريق انتزاع الحقوق الفلسطينية، ويزيد من عزلة إسرائيل، ويفتح نافذة لإعادة صياغة معادلات الصراع في المنطقة، وخاصة بلورة مخرج دولي لغزة، التي يقودها الرئيس الأمريكي دولاند ترمب وخاصة ذلك المخطط الذي يرسم مع الكيان وبعض الدول العربية تحت إشراف إداري لـ”توني بلار” رئيس حكومة بريطانيا السابق عراب الحرب على العراق.. ورغم الخطر الذي يمثله استمرار التطبيع بين الكيان وبعض الدول العربية والإسلامية والذي فشلت القمة العربية الاسلاميىة الأخيرة في استصدار قرار بتجميده  

الإعتراف بفلسطين هو اعتراف بدولةهلامية 

ورغم أن اعتراف الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، كدولة منزوعة السلاح، منزوعة الحقوق، أي أن تكون دولة «هُلامية» (وطن بلا ملامح ولا حدود أي بسيادة صورية، لا حدود، لا عاصمة، لا جيش لها) مثلما يقول أجد المعلقين الفلسطينيين، فإن الكيان يرفضها وترفضها أمريكا، رغم أنها ستكون مكافأة للكيان على مخرج له من كل ما قام وما سيقوم به من إبادة ومن أفعال عدوانية تجاه غزة والضفة المحتلتين، من جهته، اعتبر موقع ميديا بارت الفرنسي أن:” اعتراف باريس بفلسطين جاء متأخرا لكنه كان ضروريا، مؤكدا أن غياب الإجراءات العقابية ضد إسرائيل سيجعل الاعتراف مجرد حبر على ورق، ولا يعفي فرنسا من المسؤولية والتواطؤ في ما وصفها بـ”حرب  الإبادة الجماعية” كما قالت صحف أخرى أن:” الاعتراف الغربي هو هروب من عجزهم على معاقبة الكيان على الإبادة والإجرام في غزة” 

Related posts

كيان فلسطيني تحت انتداب أمريكي وبمباركة عربية

سوريا بين سقوط الأسد وتيه المرحلة الانتقالية

الأرندي: رفع التحفظ عن المادة 15 من “سيداو” خطوة سيادية تعكس انسجام الجزائر بين الدستور والمرجعية الإسلامية

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Read More