فك الحصار العالمي الذي ضرب على الكيان بسبب تجويع وتقتيل الغزاويين وشروع فرنسا مع السعودية لعقد ندوة أممية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومحاولة من رئيس حكومة الكيان للهروب من المحاكمات المنتظرة والصراعات السياسية داخل السلطة القابضة على رقاب الجميع، كل ذلك، جعل من حلم إسرائيل الكبرى، منفذا ينفذ منه بمخاطرة عسكرية وأمنية للسيطرة على الشرق الأوسط بإعلان حرب غير محسوبة على إيران، قد يقال لي إن الحروب ليست قرارات عشوائية، أقول نعم، فحرب كهذه قد خطط لها منذ سنين، أي منذ إعلان الكيان عن رغبته في تغيير وجه الشرق الأوسط، ألم تتذكروا خارطته في الأمم المتحدة، أي نعم لم تكن بها إيران، لكن نوايا التوسع على الجوار متوفرة..؟
إن هذه الأهداف ليست جديدة، فكل حروب الكيان كانت من أجل تحقيق هذه الحقيقة، ولكننا لا نعلم أو لا نريد أن نعلم..؟ يكفي شهادة رئيس وزراء الكيان الأمس: “عندما جئنا إلى المنطقة، أي إلى فلسطين، كان العرب موحدون واليوم ليسوا كذلك، وهذا بفضل جهودنا وتخطيطنا..” والعلم بالشيء يدفع لمعالجة الأخطاء حتى وإن جاء ذلك متأخرا.. لكن العرب مع الاسف لا يفقهون..؟
في الحقيقة إني أجد صعوبة كبيرة وأنا أخط هذه الكلمات أو بالأحرى هذا التعليق، لأن ما أسمعه من التبريرات والاتهامات من أفواه المتخاذلين العرب حتى لا أقول الخائنين، يؤكد ما يطرحه سياسيو الكيان منذ رسوهم بهذه الأرض، لقد سمعنا تصريحاتهم بأكثر وضوح في حرب غزة وما تلاها من تدمير وإبادة، وهم أصنام لا يتحركون، فقط أفواههم .. فمن إخوان مسلمين، وإرهابيين واليوم شيعة وسنة، والله يعلم ماذا سيجدون غدا من تبريرات، يكفي أنهم يساندون علنية هؤلاء المجرمين ويساهمون في إسقاط الصواريخ، في الوقت الذي تلفظهم شعوب العالم وتطالب بالقصاص منهم.. ؟
يكفي أن اختيار هذا التوقيت، كان مدروسا من كل الجوانب خاصة توقيت المفاوضات، ويكفي أن مأساة غزة أصبحت الآن حدثا ثانويا، ويكفي التأكيد على استشهاد في أقل من أسبوع أكثر من أربعة آلاف فلسطيني في غزة والضفة، ومضاعفة التجويع وقطع التواصل مع المحيط الخارجي، والتعطيش وقطع الأنترنت ولا يوجد من يتحدث عنهم إلخ.. فالعالم تأسره الأحداث المستجدة..؟
ما الذي سيحدث في اللحظات الأخيرة..؟
بدخول دعم الصين وروسيا وكوريا الشمالية وباكستان على الخط، حتى وإن كان معنويا فقط، حتى الآن، يجعل من الدفع لإنهاء الملف النووي الإيراني إشكالية جديدة أمام القوى المؤيدة للكيان، خاصة وأن ما يقع الآن لم يعد مجرّد قضية تخصيب أو بنود اتفاق، بل تحوّل إلى صراع عقائدي واستراتيجي وأيضا وجودي يعكس موازين القوى الصامتة في الشرق الأوسط وخارجه.
عندما كانت إيران تماطل في حوارها الأخير مع الرئيس ترمب من أجل كسب بعض الوقت، كانت تدرك أن المحاور لن يقبل بأقل شروطها، فهو الذي أجهض سابقا اتفاقية 2015، ومع ذلك وثقت، وغفلت عن المدبر لها من خيانة سواء كانت داخلية أو خارجية رغم ما حمله سجلها من خيانات سابقة، فكلنا يعرف أن قوة دويلة الكيان، يكمن في قدرتها على الخيانة والاختراقات…؟
صمود إيران حتى الآن، وقدرتها على ضرب قدرات الكيان، أخرست اسطورة تفوق الكيان، التي لولا الغرب لما وجدت، لكنها في نفس الوقت تجعل المنطقة كلها عند مفترق إستراتيجي وتاريخي، وكما أن الثقة معدومة في عودة مفاوضات تضمن الحقوق الأساسية لإيران، فإنها لن توقف تعطيل تصعيد عسكري غربي لم يعد خفيًا، وما الكيان إلا الخنجر المسلول الذي تنفذ به ضرباته الدقيقة داخل العمق الإيراني والعربي..؟
والسؤال الملح الآن، إلى أي حد يمكن لإيران أن تصمد لتدافع عن شرف منطقة وسمت بعار الصمت والخيانة، وإلى أي حد تعمل الولايات المتحدة على فرض حالة توازن مفبركة، وهي ترى إيران تلوّح بتوسيع ردّها ليشمل كل الخليج، وربما أبعد من ذلك، وإلى أي حد يستطيع الكيان تقديم تنازلات وهو الذي أشعل المنطقة كلها وعرض أمنه لاهتزاز لا مثيل له منذ إنشائه، ومرغ سمعته بعار الإبادة الجماعية والأبارتيد، مع واقع شعبي مهتز ينام ويصحى على أصوات الصواريخ وصفارات الإنذار…؟
المستقبل القريب وحده هو من سينبؤنا…؟
نفيسة لحرش