اليوم العالمي للمرأة : تاريخ النضــال النسوي

يحتفل بالثامن من مارس من كل عام عالميا، اليوم العالمي للمرأة، للدلالة على الاحترام العام لإنجازاتها والتقدير الكبير لحقها في ممارسة حقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وجاء الاحتفال بهذه المناسبة سياسيا في أغلب بلاد العالم، على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945.. ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية العالمية، وما صاحبها من سمات سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة تبنتها فيما بعد الأمم المتحدة، التي سطرت لها في سياستها الأممية برامج مكثفة للتوعية الاجتماعية بنضال المرأة عالمياً.
يرجح بعض الباحثين والمؤرخين، أن أرضية اليوم العالمي للمرأة جاءت على إثر الإضرابات والاحتجاجات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة “عاملات مصانع الملابس” في نيويورك في 8 مارس عام1857

في الجزائر، وفي نفس هذا التاريخ، ومع اختلاف في المعطيات والاساليب، كانت المرأة الجزائرية تقاوم في الاحتلال الفرنسي، حيث تولت المقاومة الجزائرية “لالا فاطمة نسومر” في منطقة القبائل بالجزائر، قيادة المقاومة الجزائرية في بلاد القبائل، بعد استشهاد
البطل المقاوم بوبغلة عام 1871، واستطاعت أن تهزم الجيوش الفرنسية عدة مرات إلى أن تم القبض عليها بعد خيانة للمعاهدة التي تمت بين الطرفين.. نضال لالا فاطمة نسومر، ومقاومتها للاحتلال الفرنسي يدخل المرأة الجزائرية في معركة النضال النسوي العالمي،

ويجعل منها ذات أحقية بالاحتفال بتاريخ 8 مارس، لأن النضال تراكم ومطالب حقوقية وإنسانية لا تقتصر على مطالب معينة عند شعوب معينة ..
ويحتفل باليوم العالمي للمرأة بطرق متنوعة في جميع أنحاء العالم؛ إذ يعتبر يوم عطلة رسمية في العديد من البلدان، تحصل المرأة فيه على إجازة ليوم كامل ولنصف يوم، في دول أخرى.. كما تحتفل الأمم المتحدة بالعيد فيما يتعلق بقضية أو حملة أو موضوع معين في حقوق
المرأة.
 في بعض أنحاء العالم، لا يزال اليوم العالمي للمرأة يعكس أصوله السياسية، ويتميز بالاحتجاجات والدعوات إلى التغيير الجذري؛ في مناطق أخرى سيما في البلدان الغربية، وهو احتفال اجتماعي ثقافي إلى حد كبير في بعض الدول، وفي السنوات الأخيرة أصبح يحتفل به في بعض الدول للتعبير عن مدى انخراط تلك الدول في ترقية النساء والاعتراف بحقوقهن..
التاريخ لا ينسى..
أقيم أول احتفال بيوم المرأة تحت شعار (اليوم الوطني للمرأة) في 28 فبراير 1909 في مدينة نيويورك، نظمه الحزب الاشتراكي الأمريكي  بناءً على اقتراح من الناشطة تيريزا مالكيل. وإن كان هذا اليوم في ظاهره إحياءً للذكرى، إلا أن بعض الباحثين أنكروا هذه الإدعاءات وقالوا أنها
تهدف إلى فصل يوم المرأة العالمي عن أصله الاشتراكي.

في أغسطس 1910، عُقد المؤتمر النسائي الاشتراكي الدولي قبل الاجتماع العام للأممية الاشتراكية الثانية في كوبنهاغن بالدنمارك. وبإلهام جزئي من الاشتراكيين الأمريكيين، اقترح فيه المندوبون الألمان مثل  كلارا زتكن، كيت دنكر وبولا ثيد وغيرهم، إالإحتفال بيوم المرأة سنويًا دون تحديد لأي استيراتيجية، أو تاريخً معين.  وافقت على الفكرة المندوبات المائة الممثلالت لـ 17 دولة، باعتبارها إستراتيجية لتعزيز المساواة في الحقوق، بما في ذلك حق المرأة في التصويت. في 19 مارس 1911، أي العام التالي، احتفل أكثر من مليون شخص في النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا باليوم العالمي الأول للمرأة، وتحركت ما يقارب من 300 مظاهرة في النمسا والمجر وحدها، خرجت فيها النساء في مواكب كبيرة في طريق فيينا الدائري حاملات لافتات تكريما

لشهداء كومونة باريس. مطالبات النساء في جميع أنحاء أوروبا بالنضال من أجل الحق في التصويت وتقلد المناصب العامة، كما قمن باحتجاجات ضد التمييز بين الجنسين في العمل. لم يكن لليوم العالمي تاريخ محدد في البداية، على الرغم من الاحتفال به عمومًا في أواخر فبراير أو أوائل مارس، فقد واصلت الأمريكيات الاحتفال “باليوم الوطني للمرأة” في يوم الأحد الأخير من شهر فبراير، بينما احتفلت الروسيات باليوم العالمي للمرأة لأول مرة في عام 1913 في يوم السبت الأخير من شهر فبراير حسب التقويم اليولياني. 
في حين تغلب “التقويم الغريغوري” ليختار تاريخ 8 مارس، وفي عام 1914 تم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس لأول مرة في ألمانيا، وتم تكريسًه لحق المرأة في التصويت، الذي لم تحظ به في الوقت نفسه، خرجت مسيرة ضخمة في لندن لدعم حق المرأة في التصويت، اعتقلت خلالها النساء الألمانيات إلأ عام 1918.. 
الناشطة سيلفيا بانكهورست من أمام محطة تشارينغ كروس بينما كانت في طريقها لإلقاء خطاب في ميدان ترافالغار.

في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والدول الشيوعية الأخرى

في 8 مارس 1917 في سانت بطرسبرغ (23 فبراير 1917 بحسب التقويم اليولياني) روسيا، خرجت العاملات في مصانع النسيج في مظاهرة اجتاحت المدينة بأكملها، طالبن فيها بـ (الخبز والسلام) أي إنهاء الحرب العالمية الأولى، وحل مشكلة نقص الغذاء، ونهاية القيصرية. وقد كانت هذه المظاهرة بمثابة بداية لثورة فبراير التي شكلت إلى جانب الثورة البلشفية أو ما عيُرف بالثورة الروسية الثانية.  بعد اعتماده رسميًا في روسيا السوفيتية، بدأت أغلبية البلدان الشيوعية بالإضافة إلى الحركة الشيوعية في جميع أنحاء العالم بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة. فقادت الزعيمة الشيوعية دولوريس إيباروري مسيرة نسائية في مدريد عام 1936 عشية الحرب الأهلية الإسبانية. في عام 1922، واحتفل
الشيوعيون الصينيون بالعطلة لأول مرة، عام 1927، حيث شهدت مدينة غوانزو مسيرة ضمت 25,000 من النساء والرجال المؤيدين وشارك فيها أيضا ممثلون عن الحزب القومي الصيني وجمعية الشابات المسيحيات  والمنظمات العمالية.
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1 أكتوبر 1949، أعلن مجلس الدولة في 23 ديسمبر من نفس العام أن الثامن من مارس سيكون عطلة رسمية وستمنح فيه النساء إجازة نصف يوم.

الاعتماد من قبل الأمم المتحدة
ظل يوم المرأة العالمي في الغالب عطلة في البلدان الشيوعية حتى عام 1967 تقريبًا عندما تم اعتماده من قبل الموجة النسوية الثانية. وعاد هذا اليوم للظهور باعتباره يومًا للنضال إذ يُعرف أحيانًا في أوروبا باسم يوم النضال العالمي للمرأة. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، انضم اليساريون والمنظمات العمالية إلى الجماعات النسائية في الدعوة إلى المساواة في الأجور وتكافؤ الفرص الاقتصادية والحقوق القانونية المتساوية وحقوق الإنجاب ورعاية الأطفال المدعومة ومنع العنف ضد المرأة.
بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1975 والذي أطلق عليه اسم السنة الدولية للمرأة. وفي عام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمية للأمم المتحدة من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي. ومنذ ذلك الحين يُحتفل بهذا اليوم سنويًا من قبل الأمم المتحدة والعديد من دول العالم، حيث يركز الاحتفال في كل عام على موضوع أو قضية معينة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.

Related posts

هل المرأة هي المولودة أنثى أم العكس….؟؟؟

الإذاعية والإعلامية فاطمة ولد خصال في ذمة الله

انعقاد أول طبعة للجامعة الصيفية النسوية

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Read More