انتخاب الأيرلنديين لليسارية كاثرين كونولي كرئيسة جديدة لإرلندا بـ 67% من أصوات الناخبين  

  فازت كاثرين كونولي، المحامية والناشطة الاجتماعية والنائبة السابقة المستقلة، برئاسة جمهورية إرلندا بنسبة 67% من الأصوات، لتصبح الرئيسة العاشرة لأيرلندا، والمرأة الثالثة من النساء اللواتي تقلدن هذا المنصب منذ تأسيس الدولة. ويأتي هذا الفوز في تحول غير مسبوق على الساحة السياسية الأيرلندية، وفي وقت تشهد فيه أيرلندا تغيّرًا في المشهد السياسي، مع تراجع الأحزاب التقليدية لصالح قوى يسارية مستقلة. وبهامش فوز كبير، استطاعت المحامية السابقة كاثرين كونولي أن تقدم نموذجا ملهما لنائبة مستقلة انفلتت من حسابات الضوابط الحزبية وقفزت من موقعها على هامش العمل البرلماني دون دعم حزبي قوي، لتصبح أحد أبرز الوجوه التي ستؤسس لحياة سياسية  جديدة في إرلندا خلال السنوات السبع المقبلة.، ويعد فوزها بالرئاسة، فوزا رمزيا انطلاقا من تحالفات حققت فوزها من الجولة الأولى بنسبة 63%، متفوقة بذلك على مرشحة يمين الوسط “هيذر همفريز” التي حصلت على 29%، في انتخابات شهدت مشاركة منخفضة بلغت نحو 46%، مع تسجيل عدد قياسي من الأوراق الملغاة.  

الدعم الواسع الذي حصلت عليه كولوني، جاء من أحزاب يسارية ومجتمع مدني وأفراد بسطاء كانت قد حملت معاناتهم معها في مسيرتها النضالية، ما ساهم في تحقيق هذا الفوز الذي يعكس تحوّلًا سياسيًا ورمزيًا في أيرلندا. وفي خطاب النصر، قالت: «سأكون رئيسة لكلٍّ منكم، صوتًا للسلام وبناءً على سياسة الحياد الأيرلندي».  ولذلك فهي تشتهر بمواقفها اليسارية، ودفاعها عن الحياد الأيرلندي في النزاعات الدولية، وانتقادها للأعمال العسكرية، بما في ذلك ما وصفته بـ «أفعال إسرائيل في غزة». كما تدعم الوحدة الأيرلندية بشرط موافقة الأغلبية، وتولي اهتمامًا خاصًا بالعدالة الاجتماعية، حقوق الأقليات، الإسكان، واللغة الأيرلندية. 

دلالات الفوز والتحديات المقبلة..؟ 

رغم أن منصب الرئيس الأيرلندي شرفي إلى حد كبير، إلا أن مواقف كونولي المثيرة للجدل قد تصطدم بالحكومة التقليدية أو الحلفاء الأوروبيين. كما أن نسبة المشاركة المنخفضة قد تقلل من قوة تفويضها الشعبي، بينما تنتظر الجماهير تحديات ملموسة رغم صلاحياتها الرمزية، رغم أن فوزها يمثل إشادة بقيم العدالة الاجتماعية والتحوّل الرمزي نحو قوى يسارية مستقلة في البلاد، وقد يعزز الحوار الأيرلندي مع القضايا الدولية، خصوصًا في الشرق الأوسط باعتبار موقفها من قضية فلسطين والإبادة في غزة، حيث تعتبر مواقفها في السياسة الخارجية مرجعًا لتوجهات أيرلندا في الملفات العالمية، خاصة بعد أن أصبحت رئيسة البلاد العاشرة، إرباكا للطبقة السياسية في البلاد، حيث ينظر إليها على نطاق واسع أنها اختراق غير متوقع لبنية المؤسسة السياسية المستقرة لعقود، مما يثير مخاوف المنتقدين من أن تؤثر مواقف كونولي الحادة، التي لا تتردد في الاشتباك مع حلفاء المحافظين من الغربيين، على علاقات البلاد الخارجية، ورغم أن منصب الرئاسة هو منصب شرفي ورمزي، حافظ من خلاله الرؤساء المتعاقبون على مواقف هادئة، لذا ترى بعض الصحف البريطانية أن انتخاب كونولي يمثل رسالة غاضبة من الناخبين موجهة للطبقة السياسية والحكومة المحسوبة على يمين الوسط، حيث كانت توجهات الناخبين الأوروبيين بشكل لافت باتجاه التصويت للأحزاب اليمينية الشعبوية، ولذلك فإن انحياز الأيرلنديين اليوم لمرشحة رئاسية يسارية، بل محسوبة على تيار أقصى اليسار، هو سياسة متمردة على النظام السياسي التقليدي الذي يصنع السياسات العامة في البلاد لعقود. 

في المقابل، هاجمت صحف أخرى خاصة الأوروبية منها توجهات كونولي المعلنة، وحذرت في مقالاتها من”صعود سياسية مؤيدة للدكتاتورية في روسيا”، ويعود ذلك لموقف كولوني من الحرب مع روسيا وتهجمها على سياسة رئيسة الإتحاد الأوروبي، حيث كثيرا ما هددت بالإنسحاب منه إذا بقي على نفس الإنحراف السياسي .” 

خلفية حياة ومسيرة سياسية 

وُلدت كونولي عام 1957 في غالواي ضمن أسرة كبيرة تضم 14 طفلًا، ونشأت في حي شعبي يُعرف بـ “Shantalla”. حصلت على درجة الماجستير في علم النفس الإكلينيكي من جامعة ليدز، ثم درست القانون في جامعة غالواي، وعملت محامية منذ أوائل التسعينيات. 

بدأت مسيرتها السياسية في مجلس مدينة غالواي عام 1999 كمستشارة عن حزب العمال، وشغلت منصب عمدة المدينة عام 2004. وفي 2006 غادرت الحزب لتصبح مستقلة، وانتُخبت لاحقًا نائبة في البرلمان الأيرلندي (Dáil Éireann) عن دائرة غالواي ويست عام 2016. وفي 2020 أصبحت أول امرأة تشغل منصب نائب رئيس البرلمان (Leas‑Cheann Comhairle). 

Related posts

مجلس وزراء العرب المكلفين بالبيئة: تبني قرار تعميم تجربة الجزائر في السد الأخضر على المستوى العربي

البرلمان الصيني يكرم الجزائر نظير إنجازاتها في مجال ترقية حقوق المرأة

كيان فلسطيني تحت انتداب أمريكي وبمباركة عربية

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Read More