تعد إحدى أصغر شهيدات ثورة التحرير، حيث رحلت وعمرها لم يتجاوز سن 15 ربيعا، صغر سنها وتواجدها بأرض الغربة لم يمنعاها من أن تتمتع بوعي وطني كبير، فتركت فاطمة بدار، البيت ومقاعد الدراسة لتشارك في مظاهرات 17 أكتوبر 1961، التي نظمت على ألأراضي الفرنسية، براءتها وصغر سنها لم يشفعا لها لدى جلاديها، فنكل بها أبشع تنكيل وألقي بها مثل المئات من الجزائريين بنهر السين وبين قنوات الصرف الصحي القذرة تاركة وراءها عائلة تحترق ألما وخوفا على مصيرها المحتمل، ووطنا يسير على درب النضال بخطوات التضحية والصمود.
فاطمة بدار، إبنة المهاجر.. يقول قائل بأنها تابعت مسار والدها الشاق، الذي استمدت منه معاني الوطنية وأبجديات الصمود وروح المقاومة، فالأسر هي من تلهم الأبناء، إلا من رحم ربك، فقد بدأ الأب نضاله يوم أن أستدعي للمشاركة في التجنيد للحرب العالمية الثانية، ولكنه نجا منها ومن قبضة الموت خلال مشاركته في معركة إيطاليا عن طريق الفرار
ليصبح وقودا لثورة التحرير..؟
الشهيدة البطلة من مواليد 5 أوت 1946 ببجاية، تمكنت أسرتها الالتحاق بوالدها المهاجر، الذي كان يعمل بشركة الغاز، ثم التحقت بالمعهد التجاري والصناعي للإناث، الواقع بشارع الجزارين بباريس.
ورغم صغر سن فاطمة، إلا أنها كانت تبدو وكأنها فتاة ناضجة، شغفها كان كبيرا عندما تعبر عن مشاعرها لنصرة الثورة، وتصر بعزم وإصرار على إرادتها في الدفاع على أفكارها والتعبير عن مشاعرها الوطنية لتصرخ في وجه المستعمر وعلى أرضه بأن الجزائر ليست فرنسية..؟
تعرضت الشهيدة كغيرها من الجزائريين أثناء تلك المظاهرات الحاشدة إلى الضرب والتنكيل وألقي بها في نهر السين، تاركة وراءها أسرتها الصغيرة التي ظلت لعدة أيام تبحث عنها، ولم يعثر عليها إلا بعد 14 يوما، من طرف عمال الصيانة المكلفين بتنظيف شباك منفذ قناة دوستان، حيث كانت عالقة بالقناة.
استشهدت هذه الفتاة الصغيرة لتكون درسا حقيقيا للتضحية خلال ثورة التحرير، وما أعظمها من ثورة..؟