الرئيسية سياسيات كيان فلسطيني تحت انتداب أمريكي وبمباركة عربية

كيان فلسطيني تحت انتداب أمريكي وبمباركة عربية

الكاتب قسم التحرير
7 دقائق قراءة

عاد الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” مجددا إلى واجهة النقاش الدولي بإعلانه في أواخر سبتمبر 2025 عن مقترح جديد لإنهاء الحرب بين إسرائيل وغزة. المبادرة، التي جاءت في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء الكيان، حملت في ظاهرها وعودًا بوقف النار وتبادل الأسرى وإعادة إعمار واسعة للقطاع، لكنها، في جوهرها، أعادت طرح إشكالات قديمة حول كيفية تحقيق سلام للفلسطينيين لا ينتقص من حقوقهم الوطنية مع مراعاة اعترافات هيئة الأمم المتحدة، وتطورات الرأي العام الدولي 

 ملامح المبادرة 

المقترح ينصّ على وقف فوري لإطلاق النار خلال 72 ساعة من القبول الفلسطيني يضمن تبادل الأسرى والجثامين، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها. كما يشترط نزع سلاح غزة عبر آلية تحقيق ومراقبة دولية، وإنشاء هيئة حكم انتقالية تقنية بإشراف خارجي يقوده الرئيس ترمب بنفسه، مع وعود بمساعدات اقتصادية واسعة وإقامة منطقة اقتصادية خاصة لإعادة إعمار القطاع، والتي كان قد أشار إليها في بداية تسلم منصبه في البيت الأبيض (ريفيراغزة) 

والسؤال الذي يطرح في قراءاتنا السياسية هو: هل تستطيع هذه المبادرة حلّ هذا الإشكال الفلسطيني التاريخي الطويل، رغم المجازر المتعاقبة حتى لو كان ذلك بتطبيق إرادة الكيان المتعنتة التي لا تؤمن إلا بطرد العرب من كل فلسطين..؟  

 وبالرغم من أن الخطة في شكلها العام قد تساهم في تحقيق هدنة إنسانية وتفتح نافذة لإغاثة المدنيين وتجنيبهم القتل والتجويع والتهجير، إلا أنها في واقعها تطرح إشكاليات حقيقية من أهمها غياب الطرف الفلسطيني في معادلة التسوية هذه: إذ لم يشارك أي ممثل شرعي للفلسطينيين في صياغتها، ما يضعف من شرعيتها وقدرتها على الاستمرار، كما أنها قد تركزت على البعد الأمني: واختزلت القضية في ملف أمني بحت يجعل نزع السلاح الفلسطيني شرطًا أساسيًا دون ضمانات سياسية أو أمنية أو حقوقية للفلسطينيين، وتجاهل القضايا الجوهرية الحقوقية كالقدس الشرقية، حق العودة، الحدود النهائية، والمساءلة عن الانتهاكات التي طالت الشعب الفلسطيني عبر تاريخ الاحتلال الطويل والقصير والتي لم تُذكر في المبادرة، ثم أن فرض إدارة انتقالية مجهولة الهوية: أي وصاية خارجية على غزة لا يعرف انتماؤها قد تعمّق انعدام الثقة بدلًا من خلق أفق سياسي جديد، وتعرقل عملية التوافق الفلسطينية المقاومة مما يجعل الطرف الفلسطيني مسلوب

الحقوق، مع تكريس لسيطرة الاحتلال الخفية..؟ 
  لذلك يبدو المقترح في صورته الحالية، أقرب إلى خطة لإدارة الأزمة لا لحلّها. فقد يمكنه تخفيف المعاناة الإنسانية، لكنه لا يقدّم ضمانات لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهذا ما أكده ترمب، ولم تنفه المشاركة العربية الإسلامية، ومع هذا التجاهل للقضايا التاريخية التي شكّلت لبّ الصراع. ودون التزام واضح بمرجعيات الشرعية الدولية مثل قرارات مجلس الأمن 242 و338 وقرار الجمعية العامة 194، سيظل أي اتفاق جزئيًّا ومن طرف أحادي قابلًا للانهيار.. وحتى وإن اعتبرنا المبادرة فرصة لالتقاط الأنفاس في غزة، لكنها وبإقصاء الفلسطينيين من القرار وفي ظل الإبادة الجماعية، المنتهجة من الكيان، فإن المبادرة قد تتحول إلى عبء جديد أكثر خطورة وسيبقى السلام مؤقتًا، والأزمة مرشحة للتجدد إن اعتُمدت كحل نهائي للصراع، لذلك من الضروري العودة إلى وضع خطة شاملة تنطلق من الاعتراف بالحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف: كالسيادة، القدس، وحق العودة، إلى جانب مسار محاسبة الانتهاكات.

pourquoi4

خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 

   لإنهاء الصراع في قطاع غزة  

 :هل يكفي عشرون بندا لحل أزمة ثمانين سنة 

وفقا لعنوان الوثيقة «خطة الرئيس دونالد ترامب الشاملة لإنهاء الصراع في غزة»، وجاء في البيان الذي تلاه الرئيس ترمب بنفسه ما يلي: «ستكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب، لا تشكل تهديدا لجيرانها : «ستعاد تنمية غزة لصالح سكانها الذين عانوا ما يكفي، وأضاف البيان: «إذا وافق الطرفان على هذا الاقتراح، ستنتهي الحرب فورا. ستنسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لإطلاق سراح الرهائن. خلال هذه الفترة، سيتم تعليق جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي، وستبقى خطوط القتال مجمدة حتى تتحقق شروط الانسحاب الكامل على مراحل». وتابع البيان: «في غضون 72 ساعة من قبول اسرائيل العلني لهذه الاتفاقية، سيتم إعادة جميع الرهائن، أحياء وأمواتا وأضاف البيان: «بمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن، ستفرج إسرائيل عن 250 سجينا محكوما عليهم بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى 1700 من سكان غزة الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، بمن فيهم جميع النساء والأطفال المحتجزين في هذا السياق. مقابل كل رهينة إسرائيلي تفرج إسرائيل عن رفاته، تفرج عن رفات 15 غزيا متوفيًا». 

وتابع البيان: «بمجرد إعادة جميع الرهائن، يمنح العفو لأعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي ونزع سلاحهم. ويوفر لأعضاء حماس الراغبين في مغادرة غزة ممرا آمنا إلى الدول المستقبلة». وأضاف البيان أيضا: «عند قبول هذه الاتفاقية، ترسل المساعدات كاملة فورا إلى قطاع غزة، وكحد أدنى، ستكون كميات المساعدات متوافقة مع ما ورد في اتفاقية 19 يناير/ 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، بما في ذلك تأهيل البنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وتأهيل المستشفيات والمخابز، وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق». 

وتابع البيان أيضا:«سيستمر توزيع المساعدات ودخولها إلى قطاع غزة دون تدخل من الطرفين، وذلك عبر الأمم المتحدة ووكالاتها، والهلال الأحمر، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية الأخرى غير المرتبطة بأي شكل من الأشكال بأي من الطرفين. سيخضع فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين لنفس الآلية المُطبقة بموجب اتفاقية 19 يناير/كانون الثاني 2025». 

وأضاف كذلك: «ستدار غزة في ظل حكومة انتقالية مؤقتة من لجنة سياسية فلسطينية تكنوقراطية، مسؤولة عن تقديم الخدمات العامة والبلديات اليومية لسكان غزة. وستتألف هذه اللجنة من خبراء فلسطينيين ودوليين مؤهلين، بإشراف هيئة انتقالية دولية جديدة، هي مجلس السلام، برئاسة الرئيس دونالد ترامب، مع أعضاء ورؤساء دول آخرى سيتم الإعلان عنهم، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق توني بلير. وستضع هذه الهيئة الإطار وتدير التمويل اللازم لإعادة تطوير غزة إلى أن تكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي، كما هو موضح في مقترحات مختلفة، بما في ذلك خطة الرئيس ترامب للسلام في عام 2020 والمقترح السعودي الفرنسي، وتمكنها من استعادة السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال. ستعتمد هذه الهيئة أفضل المعايير الدولية لإنشاء حوكمة حديثة وفعالة تخدم سكان غزة وتشجع على جذب الاستثمارات». 

ويؤكد البيان أيضا على أنه: «سيتم وضع خطة ترامب للتنمية الاقتصادية لإعادة إعمار غزة وتنشيطها من خلال تشكيل لجنة من الخبراء الذين أسهموا في ولادة بعض المدن المعجزة الحديثة المزدهرة في الشرق الأوسط. وقد صاغت مجموعات دولية حسنة النية العديد من مقترحات الاستثمار المدروسة وأفكار التنمية المثيرة، وسيتم النظر فيها لتوليف أطر الأمن والحوكمة لجذب وتسهيل هذه الاستثمارات التي ستخلق فرص عمل وفرصًا وأملًا لمستقبل غزة كما سيتم إنشاء منطقة اقتصادية خاصة بتعريفات جمركية وأسعار دخول تفضيلية يتم التفاوض عليها مع الدول المشاركة». 

ويؤكد البيان على أنه: «لن يجبر أحد على مغادرة غزة، وسيكون لمن يرغب في المغادرة حرية القيام بذلك وحرية العودة، سنشجع الناس على البقاء ونوفر لهم فرصة بناء غزة أفضل»، على شرط أن توافق حماس والفصائل الأخرى على عدم الاضطلاع بأي دور في إدارة غزة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو بأي شكل من الأشكال. سيتم تدمير جميع البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، ولن يعاد بناؤها. ستكون هناك عملية لنزع السلاح من غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، والتي ستشمل وضع الأسلحة بشكل دائم خارج الاستخدام من خلال عملية متفق عليها لتفكيكها، وبدعم من برنامج إعادة شراء وإعادة إدماج ممول دوليا، ويتم التحقق منه جميعا من قبل المراقبين المستقلين. ستلتزم غزة الجديدة التزاما كاملا ببناء اقتصاد مزدهر والتعايش السلمي مع جيرانها»، و«سيقدم الشركاء الإقليميون ضمانا لضمان امتثال حماس والفصائل لالتزاماتها، وعدم تشكيل غزة الجديدة أي تهديد لجيرانها أو شعبها». 

وتابع البيان: «ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والدوليين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة لنشرها فورا في غزة. ستقوم قوات الأمن الإسرائيلية بتدريب ودعم قوات الشرطة الفلسطينية المعتمدة في غزة، وستتشاور مع الأردن ومصر اللتين تتمتعان بخبرة واسعة في هذا المجال. ستكون هذه القوة الحل الأمني الداخلي طويل الأمد. ستعمل قوات الأمن الإسرائيلية مع إسرائيل ومصر للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية، إلى جانب قوات الشرطة الفلسطينية المُدربة حديثا. من الضروري منع دخول الذخائر إلى غزة وتسهيل التدفق السريع والآمن للبضائع لإعادة إعمار غزة وإنعاشها. سيتم الاتفاق على آلية لفض النزاع بين الطرفين». 

وأضاف البيان أنه: «لن تحتل إسرائيل غزة أو تضمها، مع قيام قوات الأمن الإسرائيلية بترسيخ السيطرة والاستقرار، سيعتمد جيش الدفاع الإسرائيلي على معايير ومعالم وأطر زمنية مرتبطة بنزع السلاح يتم الاتفاق عليها بين جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية والجهات الضامنة والولايات المتحدة، بهدف تحقيق غزة آمنة لا يشكل الانسحاب منها تهديدا لإسرائيل أو مصر أو مواطنيها. عمليا، سيسلم جيش الدفاع الإسرائيلي تدريجيا أراضي غزة التي يحتلها إلى قوات الأمن الإسرائيلية، وذلك وفقا لاتفاقية يبرمها مع السلطة الانتقالية حتى انسحابه الكامل من غزة، باستثناء وجود محيط أمني سيبقى حتى تؤمن غزة تماما من أي تهديد إرهابي متجدد، وسيتم إطلاق عملية حوار بين الأديان قائمة على قيم التسامح والتعايش السلمي، سعيًا لتغيير عقليات وروايات الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال التأكيد على الفوائد التي يُمكن جنيها من السلام». 

وختم البيان بالتأكيد على: «مع تقدم إعادة تنمية غزة، وعندما ينفذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة، قد تتوفر أخيرا الظروف الملائمة لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، وهو ما ندرك أنه طموح الشعب الفلسطيني، وستنشئ الولايات المتحدة حوارا بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر». 

وفي انتظار ردود الفعل النهائية، لا أحد يمكنه أن يجزم بانتهاء الإبادة الجماهية التي تريد من خلالها أمريكا والكيان الضغط على الشعب الفلسطيني المغيب أصلا  قبول شروط الإستسلام الذي بصمت عليه  الدول العربية المطبعة أصلا   

مقالات ذات صلة

اضافة تعليق

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy

Adblock تم اكتشاف مانع الإعلانات

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل إضافة AdBlocker في متصفحك لموقعنا.