يطيب لي بداية وبموفور الاعتزاز أن أزجي خالص التهاني والتبريكات للمرأة الجزائرية وهي تحتفي بعيدها العالمي، وهو احتفاء توشح برعاية متجددة للسيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي ما فتيء حريصا على الارتقاء بالمرأة وتقديرها، ومن هذا المقام نرفع له أنبل العرفان ورفيع الثناء وجميل التقدير على العناية المرموقة التي تنالها المرأة الجزائرية، إيمانا راسخا من سيادته الكريمة، ومن القيادة السياسية في بلادنا بالقيمة الرمزية والحضارية للمرأة الجزائرية، وإعلاء لمكانتها المرموقة في بناء الإنسان والأوطان.
إن وقفة التكريم والاحتفاء هذه، والتي يشرف عليها السيد الوزير الأول الفاضل، مشكورا على فائق عنايته، وكريم اهتمامه وتقديره، إنما هي انتصار لثقافة الاعتراف، وتعبير عن الحضور الوطني الشامخ الذي تبوأته المرأة اليوم في بلادنا عن جدارة واستحقاق، وهي بذلك تعلن وتجدد وتؤكد حالة الوفاء لتاريخها الحافل بالأمجاد والفضائل، وها هي المرأة الجزائرية تمضي قدما في دروب المجد سواء في المعرفة والعلوم أو في الفنون والآداب وفي الرياضة وفي كل مناحي الحياة لتكون سليلة الماجدات الجزائريات اللواتي يرفعن الراية خفاقة في الآفاق.
وما دامت أجواء سبعينية الثورة المظفرة تضوع بيننا فحري بنا ونحن في حرم الشهر الفضيل رمضان المبارك أن نتذكر شهيدات الجزائر ــ الرحمة والرضوان لهن، ولكل امرأة جزائرية استشهدت في سبيل الوطن ـــ، نتذكر جميلات الجزائر من المجاهدات الصامدات في المدن والأرياف والصحراء اللائي تحملن صابرات محتسبات سنين الجمر فأنجبن من ظلام الظلم، نور التاريخ والعدل، وكتبن بالثبات والتضحية قصص الفداء والبطولة، ومنحن جزائرهن عطر الخلود.
لقد بات تكريم الجهود التي تبذلها المرأة الجزائرية نظير التألق والتميز أمرا واجبا اعترافا بمنجزها في تشريف الجزائر، فقد قطعت أشواطا مهمة على المستوى القاري والدولي في إثبات صدارتها على كافة المستويات والأصعدة، ولم يكن ذلك ليتأتى لولا رعاية خاصة وخالصة من السيد رئيس الجمهورية ، وإنها لسانحة كريمة كي أرفع باسم المرأة الجزائرية وفي عيدها العالمي أصدق التحية وجميل الثناء والتقدير إلى السيّد رئيس الجمهورية الذي عهدنا منه دعما رفيعا لقضايا المرأة و كل ما من شأنه الارتقاء بها، وهو بذلك إنما يؤكد ثقته الخالصة بقدراتها في المشاركة الفعّالة في مسيرة التنمية لبلادنا، من خلال تشجيع دورها المحوري في التنمية الاقتصادية والمجتمعية، وبما يتماشى وطموحاتها الواعدة.
لقد حرصت الدولة الجزائرية على تكريس التمكين السياسي للمرأة ، حيث تعمل على ترقية حقوقها السياسية بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، مع إقرار مبدأ المناصفة بين الجنسين في تشكيلة القوائم الانتخابية في الانتخابات التشريعية الوطنية والولائية والبلدية.
إنه وبفضل جهود التمكين السياسي وإقرار مبدأ المساواة مع ضمان التعليم والتكوين للنساء والفتيات، تحقق المرأة اليوم في الجزائر نتائج مميزة حيث تشير آخر الإحصائيات إلى تسجيل 1.8 مليون طالب جامعي منهم% 65 إناث، فضلا عن المتخرجات بمؤهلات عالية وبأرفع الشهادات، فقد بلغت نسبة الطالبات المتخرجات بعنوان السنة الجامعية 2023/2024 ما نسبته 68,30 % من المجموع العام للمتخرجين، فضلا عن نسبة المتخرجات من المدارس العليا التي بلغت 79 %، وبلغت نسبة المتخرجات من العلوم الطبية 78 %، هذا وتعمل الدولة على ضمان التكوين والتعليم المهنيين للنساء اللواتي لم يسعفهن الحظ لمواصلة الدراسة بفتح مراكز جوارية للتكوين المهني في كل ربوع البلاد مع الدعم والمرافقة، و تحظى المرأة أيضا بمكانة مرموقة في سلك القضاء فهي تمثل 48 % من النسبة الإجمالية لعدد القضاة، ولديها تمثيل قوي على مستوى القضاء الإداري والمحاكم التجارية المتخصصة، كما تسجل المرأة الجزائرية حضورا متميزا وبرتب رفيعة في كافة الأسلاك الأمنية ومختلف القوات العسكرية في الجيش الوطني الشعبي، ناهيك عن الوظائف السامية بالإدارة المركزية، والوظائف السياسية العليا.
بالمقابل، فقد أطلق قطاع التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة تنفيذا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية الذي يولي أهمية خاصة وعناية فائقة للتمكين الاقتصادي للمرأة “البرنامج الوطني للإدماج الاقتصادي للمرأة الريفية” شهر ديسمبر 2024، وهو البرنامج الذي يستهدف أكبر عدد من النساء الريفيات لإنشاء مؤسساتهن المصغرة، إضافة إلى برنامج التعاون المشترك مع وزارة الصناعة لدعم المجمعات الصناعية العمومية والخاصة باليد العاملة المؤهلة من النساء الماكثات بالبيت.
تتبنى الحكومة الجزائرية مقاربة اقتصادية محضة تقوم على دعم استحداث النشاطات الاقتصادية المدرة للدخل، وتطوير المؤسسات المصغرة والمتوسطة مع المرافقة الشاملة بكل البرامج والآليات التي توفرها الدولة في مجال التمكين الاقتصادي ودخول المرأة عالم المقاولاتية، لاسيما في الأوساط الريفية ما أسهم في ظهور العديد من المشاريع النسائية الناجحة، وخلق فرص العمل، بما يتماشى والتطورات الرقمية والتكنولوجية، مع الحفاظ على الموروث الحرفي وتشجيع الإبداع الريفي والمنتجات التقليدية، من أجل دعم إدماج المرأة الماكثة بالبيت والمرأة المنتجة في مسار الإنتاج الوطني والتنمية المستدامة.
بالمقابل، فقد تعززت آليات الحماية والوقاية من العنف ضد النساء والفتيات، بتعديل قانون العقوبات سنة 2024، وإدراج مواد تجرم كل أشكال العنف المرتكب في كل الأماكن والظروف، وكذا وضع تدابير إجرائية للتكفل الشامل والدعم والمرافقة للنساء ضحايا العنف، والعمل على إعادة إدماجهن في الحياة العامة.
وفي ذات السياق، وتعزيزا لحماية المرأة وإيجاد الآليات العملية الكفيلة بذلك تم تكليف المجلس الوطني للأسرة والمرأة بالتنسيق مع مصالحنا المركزية بإعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، ومن الجدير أن نشير هنا لجاهزية مشروع هذه الإستراتيجية كوثيقة مرجعية للفترة الممتدة بين 2025-2029، والتي سينبثق عنها مخطط عمل ستساهم في تجسيده مختلف القطاعات الوزارية والهيئات الوطنية والمجتمع المدني، وستكون بذلك هذه الإستراتيجية، ثاني إستراتيجية لبلادنا في مجال مناهضة العنف ضد المرأة بعد تلك المنجزة سنة 2007.
إن هذه الإنجازات والمكتسبات إنما هي ثمرة تضافر الجهود والإرادات الخيرة من أبناء وبنات المجتمع الجزائري وفق رؤية رشيدة وحكيمة للبرامج الوطنية الكبرى، وهي في مجملها تصبو إلى الرقي بالوطن والعمل على رفاهية المواطن في جل مناحي الحياة.
بهذه المناسبة العزيزة أهيب بكل النساء الجزائريات الكريمات وهن يحتفلن بعيدهن العالمي بضرورة استلهام القيم الجمالية النبيلة التي توارثتها أمهاتنا وأخواتنا اليوم، لنذيعها بفخر واعتزاز بين الناشئة والأجيال الصاعدة حفاظا على ذاكرتنا الوطنية والثقافية والاجتماعية، ومن أجل إسهام أكثر إشعاعا في مسار تنمية الوطن، والرقي به لمصاف الدول المتقدمة.
اسمحوا لي في هذا المقام الكريم أن أوجه باسم المرأة الجزائرية تحية تقدير واعتزاز لصمود المرأة الفلسطينية والمرأة الصحراوية، ونرجو لهن ولكل النساء في الأمة العربية والإسلامية ولكل حرائر العالم أن ينعمن بالعافية والهناء والأمن والأمان في كنف أوطانهن، ويسعدن بمكارم السرور والفرح في حرم المودة ومحراب الإنسانية الأرقى.
كل عام وأنتن بخير
دامت المرأة الجزائرية رائدة و متميزة .
المصدر : الوزارة