الرئيسية مجرد رأي .. غزة، الماء والدم.. حكاية أسطول لم يصل 

.. غزة، الماء والدم.. حكاية أسطول لم يصل 

الكاتب قسم التحرير
3 دقائق قراءة

في مشهد يعيد إلى الأذهان صور الحصار الطويل والمأساة المستمرة للسفن السابقة التي حاولت فك الحصار منذ 2008، تعرض أسطول الحرية المتجه إلى غزة لاعتراض جديد من قبل قوات الكيان الإسرائيلية في عرض البحر الأبيض المتوسط. الأسطول الذي حمل على متنه عشرات النشطاء والمتضامنين من دول مختلفة، كان يسعى إلى كسر الحصار البحري المفروض على القطاع منذ أكثر من 18 عامًا، وتوصيل مساعدات إنسانية ورمزية إلى سكانه المحاصرين. وبالرغم من الطابع السلمي للرحلة، إلا أنه تم الهجوم على المراكب، واحتجاز النشطاء الذين اقتيدوا إلى أحد الموانئ الإسرائيلية للتحقيق معهم، وسجن وتعذيب بعضهم حسب تصريحات بعض المفرج عنهم 

ردود فعل دولية وحقوقية متصاعدة 

أثارت العملية ردود فعل غاضبة من منظمات دولية وناشطين في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا،فيما ساد القلق في الأوساط الحقوقية والإنسانية بشأن سلامتهم ومصيرهم القانوني، ولم تستطع أية دولة من المدافعين الشرسين عن حقوق الإنسان التدخل لحمايتهم في البحر أو داخل سجون الكيان، الذين اعتبروا أن اعتراض الأسطول يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحق الملاحة في المياه الدولية دون اتخاذ مواقف جريئة تتماثل والجرم المرتكب، فالبرلمان الأوروبي دعا إلى تحقيق مستقل في ملابسات الحادثة، فيما أعربت الأمم المتحدة عن “قلقها البالغ” إزاء استمرار القيود على حرية التنقل من وإلى غزة، كما أصدرت منظمات الإغاثة والحقوق المدنية بيانات تطالب بالإفراج الفوري عن المحتجزين، وبتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق سياسية أو عسكرية. 

الأسطول بين القانون الدولي والواقع الغزّاوي 

1. الخلفية القانونية 

من الناحية القانونية، حرية الملاحة في أعالي البحار مكرّسة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، التي تمنع أي دولة من اعتراض سفن في المياه الدولية إلا في حالات محدودة (مثل القرصنة أو تهريب البشر). 
لكن الكيان الإسرائيل يستند إلى مبررات “الأمن القومي” لتبرير اعتراضه للأسطول، بحجة منع وصول ما يعتبره مواد يمكن أن تستخدمها المقاومة المسلحة في غزة، ويقول إن: الحصار البحري قانوني لأنه جزء من نزاع مسلّح، مستندا إلى تفسيرات بعض فقهاء القانون الدولي. 

    بينما يرى ناشطون ومنظمات حقوقية بأن: اعتراض سفن تحمل مساعدات إنسانية في عرض البحر يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني، ويُعدّ عقاباً جماعياً لسكان غزة. 

غزة.. الواقع المتفاقم والتداعيات.. 

غزة، التي تعاني منذ سنوات من حصار بري وبحري خانق، تجد في مثل هذه المبادرات رمق أمل في كسر العزلة. لكن اعتراض الأسطول يترك عدة تداعيات: 

  • إنسانياً: استمرار انقطاع وصول الأدوية والمعدات الطبية، ما يعمّق أزمة المستشفيات ونقص الغذاء. 
  • سياسياً: كل اعتراض يرفع منسوب الغضب الشعبي الدولي، ويضع إسرائيل تحت ضغوط متزايدة من المجتمع المدني، وإن لم تتحوّل دائماً إلى مواقف رسمية من الحكومات. 
  • رمزياً: حتى وإن لم تصل المساعدات المادية، فإن الأسطول يحمل بعداً معنوياً مهماً، إذ يذكّر العالم بشكل دوري بأن غزة ليست قضية منسية. 

توازن القوى والشرعية الدولية 

هذا السجال القانوني يكشف حدود قدرة القانون الدولي على فرض نفسه: 

  • الأمم المتحدة تصدر بيانات “قلق”، لكن دون إجراءات ملزمة. 
  • الاتحاد الأوروبي منقسم: بعض الدول تنتقد الكيان الإسرائيلي، وأخرى تعتبر أن الأمن له أولوية. 

في النهاية، تبقى الشرعية الدولية مرهونة بميزان القوى أكثر من نصوص الاتفاقيات. 

أسطول لم يصل.. لكنه أيقظ الذاكرة 

على الرغم من فشل الأسطول في الوصول إلى وجهته، إلا أنه أعاد القضية إلى واجهة النقاش الدولي، وأحيا رمزية المقاومة المدنية في وجه الحصار ولعلّ دماء غزة الممزوجة بعزم المتضامنين في مياه المتوسط، تؤكد على أن الرسالة لم تغرق، بل عبرت إلى ضمير العالم، تمامًا كما تفعل غزة في كل مرة وهي تواجه الموت بالحياة، ويكفي أنها حركت العالم بكل تلك التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت في كثير من بلدان العالم ضد ممارسات الكيان الاجرامية، بل وحتى ضد سياسة بلدانهم خاصة لدى الجماهير الأوروبية التي كانت دائما صمام الأمان للكيان سياسيا ماليا اقتصاديا وعسكريا.. وحتى وإن لم تستطع هذه المظاهرات تغيير الواقع الأليم في غزة، فإنها قد خلدت شيئا مهما للبشرية وهي الإنسانية بلا حدود، وحركت الضمائر، وكشفت الزيف القانون الدولي وتواطؤ الدول مع الامبريالية العالمية، ورغم تداعيات كل شييء، إلا أنه، أي الأسطول استطاع إيقاظ الذاكرة الإنسانية الجماعية 

 

مقالات ذات صلة

اضافة تعليق

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy

Adblock تم اكتشاف مانع الإعلانات

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل إضافة AdBlocker في متصفحك لموقعنا.