وصل المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله، يوم الجمعة، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الفرنسية، عقب قضائه 40 عامًا خلف القضبان، ليُختتم بذلك أحد أطول ملفات السجن السياسي في أوروبا.
من النضال الفلسطيني إلى الاعتقال في فرنسا
عرف عبدالله، البالغ من العمر اليوم 74 عامًا، بانتمائه اليساري ودعمه الشديد للقضية الفلسطينية. وقد أُدين في فرنسا بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أميركي وإسرائيلي عام 1982، وحُكم عليه عام 1987 بالسجن مدى الحياة. إلا أن عبدالله أصبح مؤهلاً للإفراج المشروط منذ عام 1999، غير أن 12 طلبًا للإفراج تم رفضها، بسبب ضغوط سياسية من الولايات المتحدة وإسرائيل.
الإفراج بشروط.. والخروج من فرنسا
أصدرت محكمة الاستئناف في باريس قرارها في 17 يوليو 2025 بالإفراج المشروط عن عبدالله، شريطة أن يُنفذ القرار في 25 يوليو، وأن يغادر الأراضي الفرنسية دون عودة. وقد تم نقله فورًا من زنزانته في سجن لانميزان بجنوب غرب فرنسا إلى مطار باريس–رواسي، حيث أقلّته طائرة إلى لبنان برفقة مرافقين رسميين.
من زنزانته: “40 عامًا تمر سريعًا حين يكون النضال مستمرًا”
في حديث أدلى به داخل زنزانته عقب صدور الحكم، قال عبدالله، الذي زُيّنت جدران زنزانته بصور تشي غيفارا وخرائط فلسطين والعالم، إن “أربعين عامًا هي فترة طويلة، لكن لا تشعر بها حين تكون هناك دينامية للنضال”.
ووفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، فقد كان القضاة في محكمة الاستئناف قد رأوا أن مدة احتجازه أصبحت “غير متناسبة” مع طبيعة الجرائم المرتكبة ومع عمره المتقدم. واعتبروا أنه لم يعد يشكل خطرًا على النظام العام، رغم عدم إبدائه أي ندم تجاه الضحايا الذين يعتبرهم “أعداء”.
من هو جورج عبدالله؟
ولد جورج إبراهيم عبدالله في 2 أبريل 1951 بقرية القبيات شمال لبنان. انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في نهاية السبعينيات، وشارك لاحقًا في تأسيس تنظيم “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”، الذي تبنّى عدة عمليات ضد مصالح غربية في أوروبا دعمًا للقضية الفلسطينية.
وفي عام 1984، أُوقف عبدالله في فرنسا بتهمة حيازة وثائق مزورة، قبل أن توجه إليه لاحقًا تهم الضلوع في اغتيال دبلوماسيين وتُحكم عليه بالسجن المؤبد.
استقبال شعبي ورسمي في القبيات
من المتوقع أن يتوجه عبدالله لاحقًا إلى بلدته القبيات في شمال لبنان، حيث يُنتظر تنظيم استقبال شعبي ورسمي له، يتخلله كلمة له أو لأحد أفراد عائلته، بحسب ما أفاد شقيقه.
جدل مستمر ورسائل سياسية
وصف محامو عبدالله الإفراج بأنه “نصر سياسي وإنساني”، في حين استمر الجدل داخل الأوساط الفرنسية والدولية بشأن قرار إطلاق سراحه، رغم الاستئناف الذي تقدمت به النيابة الفرنسية والذي لا يعيق قانونًا تنفيذ الترحيل.
وبينما يُتابع المجتمع الدولي مصير عبدالله بعد عودته إلى لبنان، يطرح العديد من المراقبين تساؤلات حول ما إذا كان سينخرط مجددًا في العمل السياسي المحلي أو يعود لدعم القضايا الفلسطينية.
سجين سياسي أم إرهابي سابق؟
تثير قضية عبدالله انقسامًا حادًا في الرأي العام بين من يعتبره سجينًا سياسيًا ومناضلًا ضد الإمبريالية، ومن يراه متورطًا في أعمال إرهابية. لكن، ما لا خلاف عليه هو أن قضيته تحوّلت إلى ملف إنساني وحقوقي معقّد، امتد لعقود، وكشف عن التداخل بين السياسة والقضاء في الملفات الدولية.
بحث وتجمبع قسم اتحرير