استقبل وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، يوم الخميس، البروفيسور ليلى شنتوف، الباحثة الجزائرية المقيمة في الخارج والمتخصصة في الاقتصاد الطاقوي والتجارة الدولية والتنمية المستدامة.
اللقاء، الذي جرى بمقر الوزارة بحضور كاتب الدولة المكلف بالطاقات المتجددة نور الدين ياسع وإطارات عليا من القطاع، شكّل فرصة لعرض الرؤية الأكاديمية والعملية للبروفيسور شنتوف حول دعم تحول المجمعات النفطية الكبرى نحو نماذج أكثر استدامة، إلى جانب استعراضها لمشروعها الرائد “مادسيد” (Medsid)، الذي يُعنى بالتنمية المستدامة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط.
رؤية استراتيجية لتعزيز السيادة الطاقوية
أعربت شنتوف عن استعدادها الكامل لنقل خبرتها الأكاديمية والمهنية إلى الجزائر، خصوصًا في مجالات تصنيع المعدات الخاصة بالطاقة الشمسية، وتقييم فعالية الشراكات الدولية، وتطوير منظومة البحث العلمي والتكوين المتخصص في مجال الطاقات المتجددة.
تُعدّ البروفيسور شنتوف من الكفاءات النادرة التي راكمت خبرات دولية واسعة، حيث عملت كمستشارة اقتصادية في مفاوضات الجزائر مع منظمة التجارة العالمية، ودرّست في جامعات أوروبية مرموقة متخصصة في إدارة الأعمال والعلاقات الاقتصادية الدولية، كما أسهمت في صياغة سياسات عمومية تتعلق بالطاقة والاستدامة.
وفي هذا الإطار، تناول اللقاء إمكانات التعاون في تحليل السياسات العمومية المتعلقة بالاتفاقيات الدولية في مجال الطاقة، إلى جانب تطوير أدوات تمويل مشاريع الطاقات المتجددة، وهو ملف يحظى اليوم باهتمام عالمي نظراً للتحولات المناخية والضغوط المفروضة على الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري.
الدولة الجزائرية تراهن على كفاءاتها بالخارج
وزير الطاقة، محمد عرقاب، أشاد خلال اللقاء بـ”كفاءة والتزام” البروفيسور شنتوف، مؤكدًا أن الحكومة، بتوجيهات من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تولي أهمية استراتيجية لاستقطاب الكفاءات الوطنية في المهجر، باعتبارها ركيزة أساسية في مسار التحول الاقتصادي، لاسيما في القطاعات ذات القيمة المضافة العلمية والتكنولوجية مثل الطاقات المتجددة واستغلال الثروات المنجمية النادرة.
ويأتي هذا اللقاء في سياق مسار حكومي متكامل يهدف إلى ترسيخ نموذج جديد للتنمية، يتجاوز الرهان على الموارد الطبيعية، ليؤسس لاقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، حيث تُعدّ الطاقات المتجددة أحد أعمدته الرئيسية، في ظل التزامات الجزائر الدولية في مجال الانتقال الطاقوي ومكافحة التغير المناخي.
“العمل من أجل الوطن ليس خيارًا بل واجب”
من جانبها، جددت البروفيسور ليلى شنتوف حرصها على مواصلة التعاون مع وزارة الطاقة والمساهمة الفعلية في إنجاح مشاريع التحول الطاقوي، مؤكدة أن “العمل من أجل الوطن ليس خيارًا بل واجب، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالسيادة الطاقوية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وأضافت أن مشروعها البحثي، الذي يقوم على نهج تشاركي بين القطاعين العام والخاص والجامعات، يمكن أن يمثل قاعدة لانطلاقة فعلية نحو تصنيع مكونات المنظومات الطاقوية محليًا، وتكوين أجيال جديدة من الكفاءات الجزائرية القادرة على قيادة هذا التحول.
في السياق: الجزائر ومسار الانتقال الطاقوي
تسعى الجزائر إلى رفع مساهمة الطاقات المتجددة في مزيجها الطاقوي بشكل ملموس خلال السنوات المقبلة، حيث تهدف إلى إنتاج ما لا يقل عن 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2035. وقد أطلقت عدة مشاريع لتوطين الصناعات المرتبطة بالطاقة النظيفة، إضافة إلى إصلاحات في الإطار القانوني لجذب الاستثمار في هذا المجال.
كما بدأت الدولة في بناء شراكات استراتيجية مع الفاعلين الدوليين والمحليين، وتعزيز التكوين والبحث، وهو ما يجعل لقاء الوزير عرقاب بالبروفيسور شنتوف خطوة عملية في الاتجاه الصحيح، نحو ربط السياسات الحكومية بالإمكانات البشرية التي تزخر بها الجالية الجزائرية في الخارج.