في سابقة رمزية واحترافية، تم الإعلان رسميًا عن تعيين سميرة دواوة، فرنسية من أصول جزائرية، على رأس واحدة من أكبر شركات النقل البحري في فرنسا، Louis Dreyfus Armateurs، وذلك ابتداءً من 1 جويلية 2025.
القرار حظي باهتمام واسع في الأوساط البحرية والاقتصادية، واعتُبر مؤشرًا قويًا على التحولات التي تعرفها النخب الفرنسية، خاصة تلك القادمة من خلفيات مهاجرة.
من سيدي امحمد إلى قمة الملاحة الفرنسية
ولدت سميرة دواوة في سيدي امحمد – الجزائر العاصمة عام 1968، حيث تلقت تعليمها الأولي، قبل أن تغادر الجزائر نحو فرنسا في بداية التسعينيات. بعد حصولها على شهادات من جامعة العلوم والتكنولوجيا “هواري بومدين” (USTHB)، تابعت تكوينًا عاليًا في مؤسسات فرنسية مرموقة على غرار Paris-Dauphine وINSEAD.
بدأت مسارها المهني في مجال التكنولوجيا والتمويل، حيث عملت في شركات مثل Canon، Cisco Capital، وBNP Paribas Leasing Solutions، قبل أن تلتحق بمجموعة Econocom سنة 2012، والتي أصبحت لاحقًا مديرة عامة لفرعها الفرنسي.
امرأة في عمق البحر
عام 2020، تولّت دواوة رئاسة شركة Les Abeilles International المتخصصة في عمليات السحب والإنقاذ البحري، ما فتح أمامها أبواب قطاع لطالما طُبع بالهيمنة الذكورية. وها هي اليوم تُتوّج بمسؤولية كبرى عبر قيادة Louis Dreyfus Armateurs، شركة تتجاوز خبرتها قرنًا من الزمن، وتُعتبر لاعبًا رئيسيًا في النقل البحري والخدمات اللوجستية البحرية في أوروبا.
أبعاد رمزية تتجاوز البحر
تعيين دواوة يُمثّل أكثر من مجرد ارتقاء مهني، بل هو تتويج لمسار امرأة مغاربية استطاعت فرض نفسها بفضل الكفاءة والمثابرة. في ظل واقع فرنسي يشهد تحديات متعلقة بالاندماج وتمثيل الكفاءات القادمة من خلفيات مهاجرة، يفتح هذا التعيين باب الأمل أمام أجيال جديدة من النساء الجزائريات والمغاربيات.
وتعليقًا على المنصب الجديد، قالت دواوة في بيان صحفي: “أحمل هذا التكليف بكثير من الفخر والمسؤولية، وأتمنى أن أكون نموذجًا لما يمكن تحقيقه بالعمل والانضباط، بعيدًا عن الصور النمطية”.
في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية تقلبات دبلوماسية، تكتسي قصة دواوة بعدًا إنسانيًا وثقافيًا عابرًا للسياسات، حيث تؤكد أن الروابط بين البلدين ليست فقط ملفات تاريخية، بل أيضًا قصص نجاحٍ فردية تعبُر المتوسط نحو التأثير والتغيير.