جاء اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان نيويورك في 12 سبتمبر 2025 في لحظة شديدة الحساسية. فالقرار هو حصيلة ضغوط دولية تراكمت منذ حرب غزة الطويلة والمأساوية التي انفجرت عقب أحداث 7 أكتوبر 2023. المجتمع الدولي، وخاصة قوى وازنة مثل السعودية وفرنسا، رأت أن استمرار الوضع الراهن بات يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي، ما استدعى تحريك ملف التسوية السياسية بشكل جدي.
2. أهمية التصويت
-
142 دولة أيّدت: ما يعكس شبه إجماع عالمي على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، ويُضعف موقف إسرائيل التي تزداد عزلتها.
-
10 دول فقط عارضت: بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يكشف فجوة واضحة بين توجهات المجتمع الدولي والسياسات الأميركية-الإسرائيلية.
-
12 امتناعاً: يعكس تحفظ بعض القوى لكنها ليست معارضة صريحة.
هذا التصويت يُظهر أن قضية فلسطين لم تعد محصورة في الإطار العربي، بل تحولت إلى قضية شرعية دولية بامتياز.
3. جوهر الإعلان
الإعلان لا يقتصر على شعارات سياسية، بل يحدد آليات عملية:
-
وقف فوري للحرب في غزة.
-
انسحاب إسرائيلي كامل.
-
توحيد السلطة الفلسطينية على الضفة والقطاع.
-
إشراف دولي على الأمن وإعادة الإعمار.
-
إطار زمني لإقامة الدولة الفلسطينية.
هذا يميز إعلان نيويورك عن قرارات سابقة للأمم المتحدة بقيت عامة وغير ملزمة.
4. التوازن في المواقف
الإعلان يدين الانتهاكات الإسرائيلية (الحصار، الاستيطان، استهداف المدنيين)، لكنه في الوقت نفسه يحمّل حماس مسؤولية هجمات 7 أكتوبر. هذا التوازن مقصود، لأنه يمنح الإعلان مصداقية أمام المجتمع الدولي ويُضعف أي ذريعة لرفضه باعتباره منحازاً.
5. التحديات أمام التنفيذ
رغم الطابع التاريخي للقرار، تبقى عقبات جوهرية:
-
الموقف الأميركي: الولايات المتحدة ما زالت الداعم الأساسي لإسرائيل، وغيابها عن المؤتمر مؤشر على رفضها لأي صيغة لا تضمن أمن إسرائيل أولاً.
-
الانقسام الفلسطيني: نجاح مبدأ “دولة واحدة، حكومة واحدة، سلاح واحد” يتطلب إنهاء سيطرة حماس على غزة، وهو تحدٍ داخلي معقد.
-
السياسة الإسرائيلية: الحكومة الإسرائيلية الحالية ترفض بشكل قاطع أي حديث عن دولة فلسطينية. وقف الاستيطان أو الانسحاب من غزة والضفة سيكون صعب التحقيق عملياً.
-
آلية الرقابة الدولية: نشر بعثة أممية يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، حيث يمكن أن تستخدم واشنطن الفيتو.
6. الدلالات الإقليمية
-
السعودية وفرنسا لعبتا دوراً محورياً، ما يعكس انتقال القيادة الدبلوماسية من المسار الأميركي-الإسرائيلي إلى مسار دولي متوازن.
-
الدول العربية والإسلامية، خصوصاً مصر وقطر، حصلت على اعتراف بجهودها في الوساطة.
-
الإعلان يفتح الباب لاندماج إقليمي أوسع (مشاريع اقتصادية، أمنية، طاقة) مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية، ما يعيد إحياء “مبادرة السلام العربية” بروح جديدة.
7. المكاسب الفلسطينية
-
لأول مرة، يُذكر صراحة أن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وقبولها عضواً كاملاً في الأمم المتحدة هو عنصر أساسي لا غنى عنه.
-
يعزز الإعلان موقف السلطة الفلسطينية، خاصة بعد تعهدها بالإصلاحات والانتخابات.
-
يضعف الخطاب الإسرائيلي الذي يربط أي تسوية بوقف “العنف الفلسطيني” دون التطرق إلى الاحتلال والاستيطان.